بين الدقيق والكلمات: كيف تُعجن الكتابة في المطبخ، حيث تمتزج الأفكار بالمكونات ويتجلى الإبداع في كل صفحة.
بقلم ليديا روسيلو
HoyLunes – كنتُ أعجن كعكة الشوكولاتة والجوز، إن كنتم تتساءلون، عندما جاءتني أخيرًا الفكرة التي كنتُ أبحث عنها طوال الأسبوع. دقيق على رموشي، يداي مُلطختان باللزوجة، والراديو يُذيع آخر أخبار روزالين.
وسط بقايا العجين وانشغالات العمل، وُلد فصلٌ محوري من روايتي “سارق البرتقال”. كانت تلك إحدى تلك اللحظات التي تتضح فيها كل الأمور، عندما تتدفق القصة أخيرًا كما كنتُ أنتظر.

قبل بضع سنوات، وبعقلٍ مليء بالصور السينمائية، ظننتُ أن “ملهمات” الكُتّاب تظهر في أماكن جميلة وشاعرية، محاطة بأشخاصٍ مثيرين للاهتمام، في غرفٍ صامتة مطلة على البحر. كان ذلك حتى حلّ الواقع على هيئة خلوة للكتاب، وأدركتُ حينها أمرًا بالغ الأهمية: الإلهام ينبع من الداخل؛ لا داعي للبحث عنه في الخارج. إنه ينبع من ذاتك. بالنسبة لي، تظهر الأفكار بعد ليلة نوم هانئة، في مطبخ مليء بالدقيق، أو أثناء نزهة مع كلبي الصغير ديفا.
أحد الأشياء التي تعلمتها هي أن الكتابة تتطلب الجلوس مع إنجاز واجباتك المدرسية. دعوني أوضح: كتابة رواية تتجاوز بكثير انتظار وصول الإلهام. هناك عمل تحضيري: بناء القصة، وتطوير الشخصيات – ما يفضلونه، وخصائصهم، وعيوبهم، وسلوكياتهم… والأمر الساحر هو أنك، في هذه العملية، تكتشف جوانب من ذاتك لم تكن تعلم بوجودها. أليس هذا رائعًا؟

كتابة رواية أشبه بالطبخ. المشاعر مكونات طازجة أمزجها مع الذكريات والشكوك والرغبات. أحيانًا أحتاج إلى العجن ببطء، وإعادة مزج كل شيء، والبدء من جديد لأن القصة تتطلب ذلك. بعض الفصول تخرج بيسر وسهولة، ككعكة طازجة. بينما تتطلب فصول أخرى راحة وصبرًا وانتظارًا قد يكون محبطًا ولكنه مُجزٍ في النهاية.
الدفء عنصر أساسي آخر: ليس فقط حرارة المشاعر، بل دفء الصدق أيضًا. الكتابة تعني أيضًا المخاطرة: قول حقيقتك، حتى لو اتخذت شخصياتك لاحقًا حياةً خاصة بها، وخالفت أحيانًا خطتك الأصلية.
لا تكتمل أي رواية دون أن تُضفي لمسة شخصية عميقة على كل كلمة وكل شخصية. تذكر، للشخصيات حياتها الخاصة، وقد ينتهي بها الأمر بفعل أشياء لم تكن تجرؤ على فعلها أو حجبها في الحياة الواقعية.
أعتقد أن أفضل القصص، كأفضل وصفات الطعام، تولد من فوضى الحياة اليومية، بأيدٍ ملطخة بالدقيق، ويقين بأن الوقت مناسب دائمًا للبدء.
بالمناسبة، نصيحتي هي: لا تنتظر الظروف المثالية، لأنها لن تأتي أبدًا. وأنت لست بحاجة إليها. ما عليك سوى أن تُجرؤ على البدء، الآن، بما هو بين يديك.
لأننا معًا، نسرق اللحظات، ونجمع المشاعر، ونكتب الحياة اليومية.
,hoylunes، #lidia_roselló#