اكتشاف شخصياتك أشبه بالوقوع في حب شخص لم تتوقعه: في البداية تبتكرها، ثم تُغيرك.
بقلم ليديا روسيلو
HoyLunes – عندما بدأتُ كتابة “لص البرتقال“، ظننتُ بسذاجة أن أصعب جزء سيكون ابتكار الحبكة. كانت لديّ مشاهد في ذهني، وحوارات نصف مكتوبة على أوراق مُبعثرة، وحتى فكرة واضحة نوعًا ما عن النهاية. لكنني كنتُ أفتقد أهم شيء: شخص يسكن هذا العالم.
وُلدت إستيلا، بطلة روايتي، خجولة، على أطراف أصابعها تقريبًا. كان لها اسم مؤقت (لأنني لم أكن متأكدة من أنه سيكون اسمها في النهاية) وحزن غامض… لا شيء غير ذلك. كانت مثل ذلك الشخص الذي تقابله في حفلة ولا تعرف إن كان سيصبح صديقك المُقرب أم شخصًا ستنساه في اليوم التالي.
الغريب أن إستيلا بدأت تكبر من تلقاء نفسها. كشفت لي عن نفسها في أكثر اللحظات غرابة: في الحمام، في السيارة، أو حتى بعد إغلاقي للكمبيوتر المحمول. قاطعتني أثناء احتساء قهوتي، بل حتى أثناء قيلولتي. وهنا أدركتُ إحدى أعظم حقائق الكتابة: الشخصيات لا تُخترع، بل تُكتشف.

شخصيات غير كاملة، مثلنا
إذا كان هناك شيء واحد تعلمته، فهو أن الشخصيات التي لا تُنسى ليست كاملة. في الواقع، كلما زادت أخطاؤها، بدت أكثر إنسانية. تقضي إستيلا نصف الكتاب في الشك، والشعور بالذنب، والرغبة في أشياء لا ينبغي لها… وهذا تحديدًا ما جعلها حقيقية بالنسبة لي.
لم أُرد أن أكتب بطلة بطاقة بريدية – واحدة من أولئك الذين يتخذون دائمًا القرار الصحيح ويبتسمون في صور الزفاف. أردتُ امرأةً بتناقضاتها، مثلنا جميعاً: قادرة على البكاء عند إشارة المرور، وبعد خمس دقائق، تضحك على نكتةٍ سخيفة.
كثيرٌ من الأسرار التي جعلت من إستيلا “إستيلا” لا تظهر في الكتاب. منحتها ذكريات طفولةٍ مُختلقة، وأحاديثَ خيالية، وحتى جدالاتٍ مع أشخاصٍ مجهولين لن يروا النور أبداً. لكن كل ذلك منحني اليقين بأنه إذا أطلقتُ لها العنان في العالم، ستعرف كيف تتفاعل.
أحياناً يسألني الناس كيف أمنح شخصيةً صوتاً. الحقيقة هي أنني لا أملك وصفةً سحرية: أستمع إلى طريقة كلامهم، والكلمات التي يرددونها، ونبرتهم. في حالتي، كان لدى إستيلا صمتٌ خاصٌ بها، تلك الطريقة التي تعضّ شفتيها عندما لا تريد الإجابة. لم تكن بحاجةٍ إلى المزيد.

شخصيات ثانوية تصبح أساسية
بصراحة، في البداية ظننتُ أن “سارق البرتقال” سيكون “قصة إستيلا“. وهو كذلك بالفعل. لكن سرعان ما أدركتُ أن لا أحد يسير وحيدًا. هكذا ظهرت فيوليتا وماريا – صديقتان بدأتا كديكور خلفي، وانتهى بهما الأمر بسرقة مشاهد كاملة.
فيوليتا، بسخريتها وقوتها، كانت تُذكرني باستمرار بأن إستيلا لا تستطيع الغرق دون أن يُلقي لها أحدهم حبلًا. وماريا… ماريا كانت تلك المرآة المُزعجة التي تُخبرك بما لا تُريد سماعه، لكنك بحاجة إليه. لولاهما، لما كانت إستيلا كما هي. وأعتقد أن هذا هو سحر الشخصيات الثانوية: إنهم ليسوا مجرد كومبارس، بل بوصلات تدفع البطلة إلى حيث يجب أن تذهب – حتى عندما يكون ذلك مؤلمًا.
السر يكمن في تركهم وشأنهم
أعتقد أن السر الأعظم في خلق شخصيات لا تُنسى يكمن في تركهم وشأنهم قليلًا. أنا، الذي أحب أن أكون مسيطرًا (وأنت تعلم ذلك)، كان عليّ أن أتعلم كيف أدعهم يتحدثون، ويرتكبون الأخطاء، ويسلكون مسارات لم أسلكها قط. وهنا بدأت القصة تنبض بالحياة.

كتابة الشخصيات أشبه بالوقوع في الحب: في البداية تظن أنك المسيطر، لكن في النهاية، الشخصية هي من تسلبك السيطرة – بلفتة، أو نظرة، أو صمت مفاجئ. هكذا وُلدت إستيلا. في البداية، سرقت برتقالة. ثم سرقت قلوبًا. والآن، في كل مرة يكتب لي أحدهم قائلًا إنه يشعر بالحياة، أفهم أنها كذلك، بطريقة ما.
وأنت؟ هل أنت مستعد لترك شخصيتك التالية تُقاطع قهوتك؟
ولا تنسَ أننا في “غرفة البرتقال“، مساحة مفتوحة حيث يمكنك مشاركة شكوكك، وشخصياتك، أو حتى تلك الكتابة التي لا تجرؤ على عرضها في أي مكان آخر. هنا، الكتابة ليست مُحكَمة، بل مُرافَقة.

,hoylunes, #lidia_roselló, #habitación_naranja#